الغمازات.. لماذا يملكها بعض الأشخاص بينما الآخرون لا يمتلكونها؟
الغمازات هي انحناءات صغيرة تظهر على سطح الجلد عادةً في منطقة الخدين أو أسفل الذقن عند الابتسام أو حركة الوجه، وتعد من علامات الجمال التي يراها الكثيرون جذابة ومميزة. تُعتبر الغمازات من الصفات الوراثية التي يتم تمريرها من جيل إلى جيل، لكن ليس جميع الناس يمتلكونها، ما يجعلها ظاهرة تستحق الدراسة والبحث لفهم أسباب وجودها أو غيابها عند الأفراد. في هذا المقال، سيتم تناول موضوع الغمازات من كافة جوانبه، بدءًا من تعريفها، أسباب ظهورها، العوامل الوراثية التي تتحكم بها، إلى بعض الجوانب العلمية والتشريحية التي تفسر وجودها أو عدمه عند الأشخاص.
تعريف الغمازات وأشكالها
الغمازات هي فجوات أو تجاويف صغيرة تظهر على سطح الجلد نتيجة لبنية عضلية أو نسيجية خاصة تحت الجلد. تظهر عادة على الخدين أو أسفل الذقن، وتختلف في شكلها وحجمها من شخص لآخر. يمكن تصنيف الغمازات إلى نوعين رئيسيين:
-
الغمازات الخلقية: وهي الغمازات التي يولد بها الفرد، وتكون واضحة منذ الصغر. تحدث بسبب انقسام غير مكتمل في العضلات أو النسيج تحت الجلد.
-
الغمازات المكتسبة: والتي تظهر في بعض الحالات نتيجة لانخفاض الوزن أو تغيرات في بنية الوجه مع التقدم في العمر، لكنها أقل شيوعًا.
بشكل عام، تكون الغمازات الخلقية هي النوع الأكثر شيوعًا والأكثر ديمومة.
الأسباب التشريحية للغمازات
السبب الأساسي لظهور الغمازات هو اختلاف في بنية العضلات تحت الجلد، وتحديدًا عضلة تُسمى “العضلة المبتسمة” (zygomaticus major muscle)، التي تلعب دورًا رئيسيًا في حركة الخدين والابتسام.
-
عند الأشخاص الذين يملكون غمازات، تكون هذه العضلة منقسمة إلى قسمين أو أكثر بشكل جزئي. يؤدي هذا الانقسام إلى انكماش العضلة بطريقة تسمح بسحب الجلد إلى الداخل عند الابتسام، مما يخلق فجوة صغيرة في الجلد تُعرف بالغمازة.
-
أما الأشخاص الذين لا يمتلكون غمازات، فإن عضلتهم المبتسمة تكون متصلة بشكل كامل وغير منقسمة، مما يمنع ظهور تلك التجاويف الجلدية.
تفسر هذه التركيبة التشريحية سبب كون الغمازات علامة فريدة ووراثية مرتبطة بشكل عضلي خاص لا يوجد عند الجميع.
الوراثة ودور الجينات في ظهور الغمازات
تلعب الوراثة دورًا رئيسيًا في تحديد ما إذا كان الشخص سيولد بغمازات أم لا. تعتبر الغمازات من الصفات التي تتبع غالبًا نمط الوراثة السائدة (Dominant Trait)، مما يعني أن وجود نسخة واحدة من الجين المسؤول يكفي لظهور الغمازات عند الفرد.
كيف تعمل الوراثة في ظهور الغمازات؟
-
إذا كان أحد الوالدين يمتلك غمازات، فهناك احتمال كبير أن يرثها الطفل، لكن ليست هناك ضمانة بنسبة 100% لأن هناك عوامل وراثية أخرى تلعب دورًا.
-
عندما يكون كلا الوالدين يمتلكان غمازات، يزداد احتمال أن يولد الطفل بغمازات.
-
إذا لم يمتلك أي من الوالدين الغمازات، فمن النادر جدًا أن يظهر الطفل بغمازات إلا إذا حدثت طفرات جينية نادرة.
الجدير بالذكر أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن جينات الغمازات قد تكون متعددة العوامل، أي أن عدة جينات مجتمعة تؤثر في ظهورها، وليست مجرد صفة وراثية بسيطة.
العلاقة بين الغمازات والأنماط العرقية والجغرافية
تختلف نسب انتشار الغمازات بين الشعوب والمجموعات العرقية، ويرجع ذلك إلى اختلاف الجينات السائدة في كل مجتمع. على سبيل المثال:
-
في بعض الشعوب الآسيوية مثل الهند والصين، تعتبر الغمازات شائعة نسبيًا، ويرى الكثيرون فيها علامة جمال جذابة.
-
في المجتمعات الأوروبية، نسبة امتلاك الغمازات أقل من بعض المجتمعات الآسيوية، لكنها لا تزال منتشرة.
-
في المجتمعات العربية، تختلف النسب بين مناطق مختلفة لكنها تظهر كذلك بشكل ملحوظ بين بعض الأفراد.
يرتبط هذا التوزيع الجغرافي أيضًا بالعوامل الوراثية التي تؤثر على بنية العضلات والنسيج تحت الجلد.
العوامل البيئية وتأثيرها على الغمازات
رغم أن الغمازات صفة وراثية في الأساس، إلا أن العوامل البيئية قد تؤثر بشكل طفيف على ظهورها أو وضوحها، منها:
-
الوزن ومؤشر كتلة الجسم: انخفاض الوزن يمكن أن يجعل الغمازات أكثر وضوحًا بسبب نقصان الدهون تحت الجلد، والعكس صحيح.
-
التقدم في العمر: مع التقدم في العمر وفقدان مرونة الجلد، قد تظهر الغمازات بشكل أوضح أو أقل وضوحًا، اعتمادًا على طبيعة الجلد والعضلات.
-
العادات الحياتية: بعض العادات مثل الابتسام الدائم أو تعبيرات الوجه المتكررة يمكن أن تعزز ظهور الغمازات أو تجعلها أكثر وضوحًا مع مرور الوقت.
الفرق بين الغمازات وأثار التعبير العضلي
تظهر الغمازات أثناء حركة عضلات الوجه، خاصة عند الابتسام، لذلك تُعد بمثابة علامات ديناميكية تعبر عن حركة الجلد فوق العضلات. لكن الفرق الأساسي بين الغمازات وأثار التعبير العضلي العادية هو أن الغمازات تكون ثابتة ومميزة في نفس المنطقة، ولا تختفي أو تتغير بسهولة.
أما التجاعيد أو الخطوط التي تظهر نتيجة التعبيرات الوجهية فهي مؤقتة وتزول عند استرخاء الوجه.
الغمازات في الوجه السفلي: الغمازات تحت الذقن
بالإضافة إلى الغمازات في الخدين، توجد غمازات أخرى أقل شيوعًا تحت الذقن، تعرف بـ “غمازات الذقن” أو “غمازات العنق”. تنشأ هذه الغمازات نتيجة نفس النوع من الانقسام في العضلات، لكنها أقل وضوحًا.
تعتبر هذه الغمازات أقل شهرة وأقل انتشارًا، لكنها تضيف تميزًا خاصًا للوجه وتزيد من تعبيره الحيوي.
دراسة مقارنة: الغمازات وأثرها في التصوير الطبي والجميل
في الدراسات الطبية المتعلقة بتجميل الوجه، تُستخدم الغمازات كعلامات مميزة للتشخيص ودراسة تشريح الوجه. توضح هذه الدراسات أن وجود الغمازات قد يؤثر على طريقة عمل بعض العضلات الوجهية، خاصة عند إجراء العمليات التجميلية أو الجراحات التي تشمل منطقة الخدين.
كما أن الغمازات تعكس طبيعة نسيج الجلد والعضلات، ما يجعلها مؤشرًا هامًا لدراسة علامات الشيخوخة وتأثير التغيرات الجلدية على تعابير الوجه.
تقنيات تجميلية لإضافة الغمازات
مع انتشار مفهوم الجمال المرتبط بالغمازات، أصبحت هناك إجراءات تجميلية تمكن الأشخاص الذين لا يملكونها بشكل طبيعي من الحصول عليها.
-
حقن الغمازات (Dimpleplasty): عملية جراحية بسيطة تقوم على خلق فجوة صغيرة في الجلد عن طريق تعديل العضلات أو الأنسجة تحت الجلد. تستخدم هذه التقنية لإضافة غمازات دائمة على الخدين أو الذقن.
-
تعتبر هذه العمليات آمنة نسبيًا إذا تم إجراؤها بواسطة أطباء مختصين، لكنها تحمل مخاطر مثل الالتهاب أو التورم المؤقت.
تأثير الغمازات في الجانب النفسي والاجتماعي
تعتبر الغمازات في كثير من الثقافات رمزًا للجمال والجاذبية، حيث يُنظر إليها كعلامة تعبيرية تضفي على الوجه طابعًا ودودًا وشابًا. هذا التأثير يؤدي إلى:
-
زيادة ثقة الشخص بنفسه إذا كان يمتلك غمازات.
-
تعزيز التفاعل الاجتماعي الإيجابي من الآخرين الذين يرون الغمازات كميزة محببة.
-
تأثيرها في عالم الفن والإعلام، حيث يتم التركيز عليها في تصوير الشخصيات المحبوبة والجميلة.
جدول يوضح الفروقات الرئيسية بين الأشخاص الذين يمتلكون الغمازات ومن لا يمتلكونها
| المعيار | الأشخاص أصحاب الغمازات | الأشخاص بدون غمازات |
|---|---|---|
| التركيب العضلي | عضلة مبتسمة منقسمة جزئياً | عضلة مبتسمة متصلة كاملة |
| الوراثة | غالبًا وراثة سائدة | وراثة متنحية أو عدم وجود الجين |
| التوزيع الجغرافي | شائع في بعض الشعوب مثل الآسيوية | أقل شيوعًا في بعض الشعوب |
| تأثير الوزن | الغمازات تظهر أو تبرز أكثر مع نقصان الوزن | لا يظهر تأثير على الغمازات |
| التأثير على التعبيرات | غمازات ثابتة وواضحة أثناء الابتسام | لا تظهر غمازات، فقط تعبيرات عضلية عادية |
| إمكانية التجميل | يمكن إضافة غمازات جراحياً | يمكن إضافة الغمازات بنفس الطريقة |
الخلاصة
الغمازات هي من الظواهر الوراثية المرتبطة ببنية عضلية خاصة تحت الجلد، وتعتبر من علامات الجمال الطبيعية التي تختلف بين الأفراد. يظهر تأثير الجينات بشكل أساسي في تحديد ما إذا كان الشخص يمتلك غمازات أم لا، مع تأثير ثانوي للعوامل البيئية والوزن والتقدم في العمر. الغمازات ليست مجرد علامة تجميلية بل تحمل أهمية علمية وتشريحية تساعد في فهم حركة عضلات الوجه وتركيبه.
بالإضافة إلى ذلك، تطورت تقنيات التجميل لإضافة الغمازات لمن يرغبون في الحصول عليها، ما يعكس أهمية هذه الظاهرة في الثقافة والمجتمع الحديث. تبقى الغمازات علامة فريدة بين البشر، تجمع بين الجانب البيولوجي والجمالي لتخلق تأثيرًا مميزًا في ملامح الوجه والتعبير الحركي.
المصادر والمراجع
-
Gray’s Anatomy – الطبعة الحديثة، قسم تشريح عضلات الوجه.
-
دراسة علمية حول الوراثة المرتبطة بالغمازات: The genetics of dimples: a review، Journal of Human Genetics, 2020.
